بعد أقل من 48 ساعة من الجريمة الإرهابية في مسجد علي بن أبي طالب في القديح، أعلنت وزارة الداخلية تفاصيل تلك العملية وتفاصيل خلية لـ(21) مراهقاً التي تورطت في اغتيال رجل الأمن ماجد العتيبي، والتخطيط لعملية القديح. والمثير للانتباه إضافة إلى الإنجاز الأمني الكبير في سرعة ملاحقة الجناة؛ أن أفراد الخلية مراهقون يفترض بهم أنهم قد مروا على مدارسنا واختلطوا بمعلمين يقضون معهم يومياً أكثر من ست ساعات في حصص دراسية متعددة التخصص تعطي فرصة للمعلم أن يتواصل مباشرة مع الطالب بعيداً عن حرفية الخطة الدراسية، كما أن بعض المناهج الدراسية تعطي المعلم فرصة أيضاً لأن يكتشف كيف يفكر الطالب من خلال تعاطيه مع ضجيج الأحداث الاجتماعية وموقفه منها، إلا أنه ومع تلك الفرص السانحة للتواصل مع الطلاب؛ لم يكتشف أي من معلميهم في كل مراحل التعليم أن أفراد الخلية الـ (21) مصابون بداء التطرف، أو على أقل تقدير مشتبه بأنهم مصابون بذلك الوباء الذي يعد مقدمة منطقية للإرهاب ومنزلة ممهدة ومهيأة له، هذا بطبيعة الحال إذا استبعدنا المعلمين الذين لا يرون في التطرف مشكلة بل يرونه غيرة على دينه وجهاداً في سبيله ويشجعون تلاميذهم عليه وعلى التمسك به وبدروبه ومسالكه. المعلم المهموم بوطنه وبمستقبل طلابه لا يحتاج إلى ذكاء وفطنة استثنائية ليكتشف فايروس التطرف، بل يستطيع بسهولة اكتشاف أن أحداً من طلابه موبوء بذلك الفايروس، وذلك بمجرد النقاش معه وطبيعة تعاطي الطالب مع بعض الفتاوى أو القضايا الاجتماعية، فمتى ما أبدى الطالب تشدداً في رأيه واستخداماً للمفردات الإقصائية الحادة وتناوله للمسائل الفقهية كمعادلات رياضية ناجزة لا تقبل النقاش أو الحوار؛ فإن ذلك علامة واضحة على أن الطالب في بداية مشوار التطرف الذي قد ينتهي به إلى أن يمزق جسده في مكانٍ ما، طالباً الجنة والحور العين.
الأجهزة الأمنية لا يمكن أن تتعامل إلا مع حدث إرهابي تشكلت عناصره كاملة، لكنها لا تستطيع السيطرة على مسببات ذلك الحدث ودوافعه التي يأتي على رأسها وفي القلب منها «التطرف» حيث المعركة الحقيقية مع الإرهاب، ومتى ما تم تحجيم التطرف ومواجهة رموزه ودعاته فإن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى تحجيم الإرهاب والقضاء عليه وعلى كوادره، والمؤسسات التعليمية وكوادرها مسؤولة عن متابعة الطلاب وحمايتهم من التطرف الذي يجب أن يتعامل معه كما تتعامل المدارس مع فايروس كورونا، بحيث تكون هناك مسؤولية قانونية في عدم التبليغ عن أي حالة مصابة بفايروس التطرف، حتى لا تنتقل العدوى لبقية التلاميذ، وتصبح المدارس مكاناً موبوءاً بالتطرف والغلو.
السبت، ٣٠ مايو/ أيار ٢٠١٥ –